لم يكن يدور بخلد ويليام غاريت، البالغ من العمر 18 عاما، أن بعثته لجامعة جون هوبكنز، ستنتهي بكارثة إصابته بهلوسات وأصوات وهمية في ذهنه، وذلك في دلالة واضحة على أن مرض "الشيزوفرينيا" أو الانفصام قد تمكن منه. وفي مقابلة مع سي أن أن، أشار غاريت أن الأصوات التي لم تكن تتردد إلا في ذهنه، قد تنوعت من واحدة تقول بأن والده قد سمم كلبه، وأخرى توهمه بأن جدته قد أعدت له طعاما من اللحم البشري، مما جعل حياته جحيما.
ومع اشتداد المرض، اضطر غاريت إلى ترك الجامعة، بعد أن بات عاجزا عن قراءة بضعة أسطر، وهو الذي كان في السابق قد أجبر على تصميم برنامج حاسوبي خاص لتنظيم مكتبته، والتي احتوت على ما يزيد عن 600 كتابا. وبحسب أقارب غاريت، فإن هذا الحدث الجلل أتى بعد أن كان طالبا ألمعيا، وشخصا اجتماعيا من الطراز الأول، بحيث انتخب عضوا في مجلس الطلبة في مدرسته بميريلاند.
بات عاجزا عن قراءة بضعة أسطر |
وكان غاريت قد خضع لإشراف باحثين في برنامجين لدراسة الشيزوفرينيا، وبقي لأشهر تحت المراقبة خوفا من انتحاره. وبحسب رواية أطباء غاريت، فإنه عانى الأمرين من الأدوية التي جربت عليه، حيث أصابه أحدهم بالسمنة، وآخر بانعدام التوازن في مزاجه.
وتعليقا على هذه المسألة، قال الدكتور توماس بورنمان، مدير برنامج الصحة العقلية في مركز كارتر، إن "العقاقير والجرعات التي يتم توصيفها للمرضى لا تتطابق مع كل حالة". وأضاف أن المرضى تختلف علاجاتهم كما ونوعا، ولا يتم التوصل إلى العلاج المناسب لكل مصاب إلا عبر التجربة والخطأ.
والقصة ليست سوادوية، بل هناك بعدا مشرقا، خاصة عندما تبين أن غاريت بات أكثر تحسنا وأكثر قدرة على التركيز والتواصل مع الآخرين بعد عودته من العلاج، حيث تمكن من لعب الورق معهم، ومحادثتهم وممازحتهم، مما يشي بأن هناك بارقة أمل لحالته.
ويبدو أن حالة غاريت لم تكن فريدة من نوعها، إذ ذكر بعض المطلعين أنه سبق وأن أصيب بمثلها عازف "البيس" الواعد، ناثانيال أيرز، الذي فقد منزله بعد إصابته بالشيزوفرينيا، واضطر لعزف مقطوعات لبتهوفن على آلة كمان في الشوارع كي لا يموت جوعا.
ويذكر أن مرض الشيزوفرينيا، أو إنفصام الشخصية، ينجم عن إعاقة في تطور الدماغ، مما يوقع المصاب في حالة يختلط عليه الوهم بالحقيقية.