كل أصحابي ماتوا".. كلمات قالها كلود طنب بابتسامة لا تخفي صعوبة حياة اضطرته إلى أن يتعايش مع فيروس "إيتش آي في" الذي يسكنه منذ نحو ثلاثة عقود. كان كلود يعيش يومها في باريس وعمره (27 عاما)، ويقول "عمري 57 سنة، وأنا مصاب منذ نحو 30 عاما. في البداية لم أكن أعرف ما هو المرض". ويضيف كنت أذهب إلى الأطباء ويقولون "هذا مرض جلدي وغدا تشفى منه، إلى سنة الثمانين قال لي الطبيب أنني مصاب بالسيدا، خبرني ان المرض سيبقى معي حتى الموت".
"أنا مرتاح مع نفسي وتقبلت وضعي" |
ويقول كلود عن عائلته "نحن 5 اخوة، ولا يحبون الاختلاط معي كثيرا، وأنا لست متضايقا من الأمر"، ويوضح التمييز الذي تعرض له "أنا مرتاح مع نفسي وتقبلت وضعي، وتقبلت المجتمع الظالم". وأضاف "الدواء يؤثر على المريض بنسبة 20% والباقي التاثيرات النفسية. ويجب على المصاب أن يتقبل وضعه، ولا يعني إلتقاط المرض أن الموت بات وشيكا"..
هذا وقال تقرير سنوي للأمم المتحدة الأسبوع الماضي أن ما يقدر بنحو 4ر33 مليون شخص في كل أنحاء العالم ثلثاهم في افريقيا جنوب الصحراء الكبرى مصابون بفيروس الايدز. كما وتم تسجيل 81 إصابة في لبنان العام 2009 ليرتفع العدد الإجمالي للإصابات إلى 1253، أكثر من 82% منها بين الرجال وطريقة العدوى الأكثر شيوعا هي عبر العلاقات الجنسية في أكثر من 42% من الحالات المسجلة. ويقول العميد بهيج أبو مراد، رئيس جمعية "أنوار المحبة" الخيرية لمساعدة ضحايا السرطان والسيدا، "أستطيع أن أؤكد أن الأرقام الحقيقية أكثر من المعلن عنها، ولكن لا أستطيع تحديد بدقة ويمكن ضرب الرقم المعلن بـ3 أو 4 أو6".
وعلى رغم تطور سبلِ العلاج خلال العقود الماضية إلا أن المجتمع لا يزال إلى حد بعيد جاهلا طريقة التعامل مع الفيروس ومع المصابين به. وتوضح رانيا درغام، المسؤولة عن برنامج التوعية في جمعية "أنوار المحبة" الخيرية "ثمة ناس لا يزالون يرفضون الحديث. كنا مرة نوزع بروشور فرماه أحد الأشخاص، فقلت له إننا لا نوزع الفيروس. فقط البروشور".
موقف المجتمعاتِ من المصابين بالفيروس يجعل من السرية امراً اساسياً. بدءاً من فحص الدم الذي يحدد خلال نصف ساعة ما إذا كان الشخص مصاباً أم لا. ولا تزال كلفة العلاج مرتفعة، ويصل سعر علبة الدواء 600 دولار. وتؤمن وزارة الصحة العلاج مجانا لكن بشكل متقطع، كما أن جمعية أنوار المحبة تؤمن العلاج مجاناً. ويبقى جزء من العلاجِ نفسيا ففي وحدةِ هذا المرض، تكثر الرغبة بالانتحار أو الانتقام.