يعتبر الألم آلية وقائية في الجسم، وعلى الرغم من اختلاف العوامل المرتبطة بشدة الآلام، الا أن الأطباء يرون أن الانسان قادر على التحكم ببعضها، وينصحون المرضى بالقيام بتدريبات معينة للتأثير على كيفية تقييم المخ للألم.
القوة الذهنية
يمكن للمخ التعلم أن هناك بعض |
أما البروفيسور رولف-ديتليف تريده، رئيس الجمعية الألمانية لدراسة الألم "دي.جي.اس.اس"، فيوضح أن الاحساس بالألم أمر شخصي، توضحه المسافة التي يقطعها منبه الألم ليصل الى المخ. وان المستقبلات الحسية تنقل الاشارة الى الحبل الشوكي، ثم يقوم الجهاز العصبي المركزي بتمريرها الى المخ الذي يتعامل معها بواحدة من طرق مختلفة.
ويشير فابيان الى أنه "على المخ أن يقرر ما هو مهم وما هو غير ذلك". وان الألم آلية وقائية في الجسم وأن منبه الألم في طريقه الى المخ يكون له دوما السبق على المنبهات الأخرى. لكن من الممكن مهاجمة منبه الألم قبل أن يصل الى هناك بدواء على سبيل المثال. ومن يذهب الى طبيب الأسنان يعرف ذلك، حيث أن المخدر الموضعي الذي يستخدمه الطبيب يمنع اشارات الألم من الوصول الى المخ.
أما تريده، فيرى أن العامل الأكثر تأثيراً هو كيفية تعامل المخ مع مؤثرات الألم عند وصولها اليه، ويوضح قائلاً: "يمكن للمخ تعلم أن هناك بعض الآلام غير المهمة"، واذا ما أصيب شخص ما بخدوش في ذراعه، فان الاصابة قد تبدو سيئة للغاية، لكن المصاب يعرف أنها ليست ضارة، وبالتالي لا يشعر بألم شديد. والمخ يمكنه أن يعتاد على الألم مع الوقت، مثلما يعتاد على فنجان القهوة الساخن في الصباح.
تدريبات للتأثير على تقييم الألم
المسألة تتعلق بقناعة الشخص المصاب |
عوامل تسكين
وفي المواقف البالغة الخطر بحق، تتهيأ للجسم أقوى عوامل تسكين الألم، فعدائي الماراثون مثلا يمكنهم تعطيل ما يصيبهم من الألم حتى نهاية السباق. والمخ يفرز مادتي الانورفين والأدرينالين، اللتين تخلقان ما يسمى بالـ "مستوى العداء العالي" في العدائين المدربين وتجعلهم لا يشعرون بالألم.
ويتفاعل الجسم بصورة مماثلة في حالات الاصابات الخطرة. ويشير البروفيسور الألماني الى أنه "بعد وقوع حادث مروري مثلا تمكن مادة الاندورفين الشخص من تحريك رجله المكسورة والخروج من السيارة". لكن الناقلات العصبية لا تطلق في المواقف البالغة الخطر فحسب، اذ يمكن أيضا بتناول حبة علاج وهمي- ليس لها تأثير طبي- أن تغير من ادراك المريض للألم. ويضيف قائلاً: "المسألة اذن تتعلق بقناعة الشخص المصاب".
ويضيفون في "السياسة" أن المورثات تلعب هي الأخرى دورا في الألم أيضا، فبعض الناس لا يشعرون بالألم مطلقا منذ مولدهم بسبب استعدادات جينية خاصة. وكابحات الألم الخاصة في الجسم لا تطلق لدى عدائي الماراثون وحدهم، بل يمكن لأي انسان أن يحفزها بالقوة الذهنية. والذين يريدون تأثيرا طويلا على احساسهم بالألم عليهم أن يتعلموا ألا يخافوه وألا ينظروا اليه على أنه أسوأ مما هو عليه حقا. ويقول: "من الممكن لأي شخص يتمتع بروح المبادرة وبعقل يقظ أن يفعل ذلك".