باستخدامك موقع شايف نت تكون موافق على سياسة الخصوصية الخاصة بالموقع
من هم اصحاب الاحتياجات التعليمية الخاصة في مجتمعنا؟
15/07/2008

من البديهي أن تتطور التخصصات الطبية بعد الكشف عن حالاتٍ متعددة ومختلفة من الأمراض أو المشاكل التي يعاني منها مجتمعنا بكافة أطره وأفراده، وفي هذا اللقاء نتوجه الى أحد المتخصصين في أعصاب الطفل وتطوره، الدكتور جبران أبو رحمة، من شفاعمرو، ويعمل في معهد أعصاب وتطور الطفل في مدينة عكا.

يتحدث عن الحاجة الماسة لطرق هذا الموضوع فيقول: "برزت في مجتمعنا الأهمية الكبيرة للقراءة والكتابة والحصول على شهادة انهاء الصف الثاني عشر، وشهادة البجروت التي تؤهل الطلاب لدخول الحياة العملية بعد مرحلة طويلة من التطور والدراسة، لكن بعد الدراسة تم اكتشاف حالات كثيرة من "العثر" أو العسر التعليمي التي لم يتم الالتفات اليها في سنواتٍ سابقة، الأمر الذي وضع الأطفال أو رجال اليوم في وضعٍ اجتماعي خطير، ولم يجد لهم الأهل الأطر الملائمة التي تهذبهم وترعاهم وتصنعهم رجالاً أصحاب صفات إنسانية طبيعية...

من أجل هذا اتجهتُ للتخصص كطبيب أعصاب (نيرولوج)، كي أتحمل جزء من مسؤولية مجتمعي في تحسين الطفل ودمجه أسوة بغيره في المجتمع بدعمٍ من وزارة المعارف والمدارس والسلطات المحلية. ويبقى دور الأهل هو الأساس في تغيير سلوكيات "ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة"، بالتعاون مع العامل النفسي وطاقم المعلمين في التربية الخاصة".

من هم الأطفال الذين يحتاجون الى علاج؟!

تبدأ المشاكل مع الطفل المريض منذ عامه الأول، فهو يواجه صعوبة في الإصغاء والتركيز أو في الحركة

"تبدأ المشاكل مع الطفل المريض منذ عامه الأول، فهو يواجه صعوبة في الإصغاء والتركيز أو في الحركة، وقد يكون كثير الحركة وتسمى حالته (A.D.H.D)، أو لديه مشاكل في النطق، هؤلاء الأولاد يحتاجون إلى علاج طبيعي- فيزوترابيا، تمارين تتعلق بـ: "المشي، الحركة، اللعب - (اللعب بالبازل أو بالألوان أو بالمعجونة)، وهناك حالات اخرى يتم اكتشافها بعد ثلاث سنوات، بعد التحاق الطفل بالروضة (قبل التعليم الالزامي) وهناك نسبة أكبر بكثير يتم اكتشافها بعد الوصول إلى صفوف البستان (التعليم الالزامي)، لكن كلما كان الوعي أكثر لأهمية العلاج، كلما ساعدنا الطفل في تحسن حالته في مراحل التعليم الأولى، وهناك أمراض أخرى مسببة من بينها: الصرع، الماجرينا، الأمراض الوراثية، الشلل الدماغي - والتي بمجملها بسبب زواج الأقارب، إضافة إلى المشاكل النفسية التي تواجه الطفل نتيجة للجو الأسري المشحون".

كيف يمكننا اكتشاف هذه الحالة المرضية لدى الأطفال؟

"المسألة واضحة، فالطفل الذي بلغ ثلاث سنوات ولا يميز بين الألوان ولا يمكنه العد حتى الرقم خمسة مثلاً، أو يعجز عن رسم دائرة، أو بناء برج من المكعبات، هذه الأمور البسيطة قد تكون نذيرًا لحالة الطفل السيئة، ومعها يحتاج الى مراقبة وعلاج مبكّر، إذ من المتوقع أن يكون لديه عثر (عسر) تعليمي بالكتابة، بالقدرة على كتابة الأحرف والأسم، والقدرات فيما يتعلق بفهم المقروء والتعبير اللغوي الصحيح".

ما بين الميزانيات والعلاجات ضاعت فرصة العلاج

"وضع المجتمع العربي صعبٌ للغاية بسبب الاحتياجات الكثيرة وشح الميزانيات والنقص في الصفوف الخاصة، وعدم دعم السلطات المحلية الكافي لشعبة التعليم الخاصة، انطلاقًا من استغلال الميزانيات الموجودة في أمور أقل أهمية، ناهيك عن أن المدارس لا تراعي الحاجة الماسة الى فرز التلاميذ الذين يعانون من العثر في التعليم، فلا يمكن خلط الحابل بالنابل، فهناك أطفال في مرحلة متقدمة من الصعوبة ويحتاجون الى صفوف علاجية شاملة (عدد التلاميذ في الصفوف لا يزيد عن 14 تلميذ) ، وهناك أطفال وضعهم الصحي متوسط، وهناك حالاتٍ لتلاميذ يتم مراقبتهم وأعطاؤهم الاحتياجات الضرورية لدمجهم في الصفوف العادية كسواهم من أبناء جيلهم.

المشكلة الأخرى التي نصطدم بها هي عدد الساعات المخصصة لهؤلاء التلاميذ. وليس سرًا أن مفتشي المدارس ومركز العلاج التأهيلي (ماطيا) على اطلاع بوضع الصفوف في المدارس العربية، لكنها ما زالت لا تفعل الكثير من اجل الحصول على الميزانيات اللازمة أسوة بالوسط اليهودي.

كيف يتعامل الأهل مع حالة الأطفال المَرضية؟

الدكتور جبران أبو رحمة.. من شفاعمرو

"نلمس زيادة في الوعي لدى الأهل، لكن هذا لا يمنع البعض منهم من رفض حقيقة أنّ ابنهم مريض ويعاني، وهم لا يدركون أنّ الهدف العلاجي هو كشف الحالة وتحسين وليس "لفضح المستور كما يظنون". بعض العائلات ترفض تقبل الموضوع ويجيبون باستغراب: "ابننا لا يمكن ان يكون هكذا"، أو "أنا موظف كبير" أو "أنا عندي "مصلحة" مش معقول يكون ابني هيك"، ومن واجب الطاقم المعالج كسب ثقة الأهل وتقديم المعلومات الصحيحة والدقيقة، ليصبح شريكًا في علاج الطفل... المشكلة الكبيرة عندما لا يقتنع الأهل بحقيقة مرض أطفالهم، ويرفضون التجند إلى جانب الخطة التربوية المبرمجة، عندها نخسر ثقة الأهل، ونفقد القدرة على تقديم العلاج، فالعلاج الأساسي ينبع من داخل البيت، وان فقدت هذه الحلقة ضاعت فرصة علاج الطفل من أيدينا.

ما هي خطورة ترك الطفل بدون علاج؟!

"جزء كبير من الأطفال الذين يعانون من العثر التعليمي يعانون في الاساس من مشاكل في الحركة والإصغاء والتركيز بالإضافة الى التمرد ضد كل القوانين المتفق عليها بالمجتمع ويرفضون التعامل المبني على صلاحيات (معلم، أب، مسؤول)، والكثيرون منهم يميلون الى الانطواء والتقوقع، العصبية الزائدة، العنف الجسدي أو الكلامي، بعض الأطفال يتجهون إلى السرقة أو تعذيب الحيوانات، أو شرب الكحول أو التدخين، هؤلاء الأطفال ستقودهم حالتهم المرضية إلى انحرافٍ سريع، ومعه يضرون أنفسهم والمجتمع بأكمله".

ماذا بشأن المنهاج التعليمي؟

"المنهاج التعليمي في البلاد ليس مرنًا، ولا يعمل على مراعاة وضع الطفل وحالته، يأتي التلميذ الى الدرس مجبرًا أن يجلس لمدة 45 دقيقة، وفي هذه الحالة يظلم (10%) من الأولاد الذين يستصعبون السيطرة على حالتهم النفسية والعصبية. وتبقى هناك حاجة كبيرة ان يكون الجهاز التعليمي مناسبًا وقادرًا على اعطاء اجابات لاحتياجات الأطفال ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة ولتقديم علاج بديل لتدريب مصحّح بديل، من قبل معلمين درسوا الموضوع في اطار (التعليم المصحّح)، لأولاد لديهم صعوبات في الذاكرة، في فهم المقروء، في الالقاء، في القدرات، وفي التحليل النظري أو الاستيعاب النظري او التحليل والاستيعاب السمعي، مع العلم أنّ بعض المرضى من هؤلاء لديهم نسبة ذكاء عادية أو ربما مرتفعة، لكنهم يعجزون عن استغلالها في الإطار الصحيح".

(ملاحظة: الأطفال والبالغون الظاهرون في الصور المرفقة - لا علاقة لهم بموضوع التقرير)