|
شهدت السنوات الاخيرة ازدهاراً منقطع النظير لطقس قديم قدم التاريخ، طالما لجأ إليه الانسان منذ فجر البشرية لتهدئة نفسه والارتقاء فوق عالم المادة للتنعم بصفاء الروح انه التأمل الذي اصبح يلقى رواجاً كبيراً في الغرب وينتشر بين مختلف شرائح الطيف الاجتماعي، حيث يجد فيه الناس ملاذاً ومهرباً من ضغط الحياة العصرية المرهقة وقد تعزز ذلك الاتجاه بظهور مؤشرات علمية الى ان التأمل لا يقوي الجهاز المناعي فحسب وانما ربما يعيد توصيل الاجزاء الدماغية لتقليص مستويات الكرب النفسي والاجهاد، كما يبدو في صور المسح الدماغي.
|
|
وفي حين بدأت ممارسة التأمل تنتشر بوتيرة متسارعة في اوروبا فإنها بلا شك حققت مستويات هائلة في الولايات المتحدة، حيث تشير احدث الاستطلاعات الى ان عشرة ملايين اميركي يمارسون التأمل بأحد اشكاله بصورة منتظمة..وهو ضعف ما كان عليه عددهم قبل عقد مضى واصبحت صفوف التأمل اليوم تضم اشخاصاً يمثلون التيار السائد من الناس، ولا علاقة لهم بالطوائف الروحانية فلقد اصبح التأمل بمثابة حمام الاسترخاء للمهنيين الطموحين النشطين الذين يشعرون بأن انماط حياتهم اكثر اجهاداً من حياة الاجيال السالفة التي كانت تعيش على حلب الابقار وصنع الزبدة والصابون.ولم يعد هؤلاء مضطرين للذهاب الى معلم روحي ملتح قابع بمعتزل ناء في الغابة ليمارسوا التأمل. |
|
|
وفي الواقع ان التأمل اصبح موجوداً في كل مكان لدرجة تجعل من الصعب بشكل متزايد على الناس تجنبه، وها هو ذا يقدم في المدارس والمستشفيات وشركات القانون والمباني الحكومية وحتى المباني التجارية والسجون..
والاهتمام الحالي بالتأمل له ابعاد طبية لاتقل شأننا عن الابعاد الثقافية، فقد راحت اعداد متزايدة من الاطباء تتجه لوصف التأمل كطريقة لمنع او تبطيء آلام المشكلات الصحية المزمنة، كالايدز او السرطان، أو على الاقل السيطرة عليها، ويكمن استخدام التأمل ايضاً لاستعادة التوازن في مواجهة اضطرابات نفسية كالاكتئاب وفرط النشاط وعارض قصور الانتباه.لكن الاطباء لا يقبلون على تبني التأمل لانهم يعتقدون أنه موضة رائجة هذه الايام، بل لان الدراسات العلمية بدأت تثبت انه فعال خاصة فيما يتعلق بالحالات المقترنة بالقلق والحصر النفسي.
ويقول الخبراء انه لا ينبغي للتأمل ان يكون بالضرورة مقترناً بأبعاد روحانية وغامضة كما هي الحال في الممارسات البوذية والدينية الأخرى مشيرين إلى ان مجرد الاسترخاء وتثبيت النظر في نقطة معينة والتوقف في الكلام والتفكير يجعلك في مصاف المتأملين، ويعود عليك بفوائد نفسية عملية. وقد أظهرت عدة تجارب فائدة التأمل في معالجة الاكتئاب والضغط النفسي عوضاً عن استخدام العقاقير |
|
ويقول جون كابات زين، الذي أسس عيادة خفض التوتر في مركز يوماس الطبي بالولايات المتحدة عام 1979 ان تجربة جرى فيها اعطاء حقن انفلونزا إلى مجموعة متطوعين يمارسون التأمل واخرى تضم اشخاصاً لا يمارسون التأمل، اظهرت ارتفاع مستويات الاجسام المضادة أكثر في دم المتأملين، مشيرة إلى صلة التأمل المباشرة بتعزيز الجهاز المناعي.
ومن بين المشاهير الكثيرين الذين وجدوا في التأمل ضالتهم الممثلة هيثر غراهام، التي تتأمل 20 دقيقة مرتين في اليوم عادة. وتقول غراهام: «من السهل ان يمضي المرء وقتاً طويلاً في القلق والهواجس، لكن التأمل يضفي في فضاء يفيض بالسعادة. وفي نهاية النهار، لا تعني لي كل أمور النجومية والتمثيل شيئاً. ان التأمل يذكرك بأن المهم هو ما تشعر به في اعماق نفسك».
أما الممثلة غولدي هون، التي تقول انها تمارس التأمل منذ ثلاثين عاماً فقد خصصت في منزلها غرفة مكرسة للتأمل تعبق بعبير الازهار ورائحة البخور. وتقول هون التي تمارس التأمل لثلاثين دقيقة مرتين كل يوم: «كيف تتعلم ان تشهد مشاعرك الهدامة؟ يمكنك فعل ذلك فقط بامتلاك القدرة على الجلوس بهدوء وتهدئة عقلك».
|
|
|
|
|
|