لا شك أنه أكرم الناس في توزيع النصائح بلا مقابل، عنده الجواب الشافي لكل سؤال وقضية وإن كان صعباً عليه الوقوف موقف المحايد بصورة مستمرة، فحبه للجدل واستناده إلى المنطق والتحليل يدفعانه إلى المجاهرة بآرائه الخاصة بأسلوب فذ يقنع الآخرين على الرغم منهم في كثير من الأحيان، سحره عظيم إلى الدرجة التي يستحيل معها التحرر منه، ابتسامته ولطفه كثيراً ما يمحوان سيئاته عند من يحب فلا ينسى الإساءة وحسب بل تلازمه الابتسامة أيضاً مثل ظله وتعمل المستحيل كي يهنأ ويسعد.
الحب مع هذا الإنسان عملية صعبة يتخلـّلها صعود وهبوط على الرغم من تأثيرات كوكب الزهرة ( فينوس) في سير حياته، لا شك أن سبب تلك الصعوبة يعود إلى عادة التـفكير والتمحيص عنده، وهو لا يكتـفي بإطالة فترة الدرس وحسب بل يتورع أيضاً عن الرجوع عن قراراته في اللحظة نفسها التي يشعر فيها بأنه غير مقتـنع تماماً، مما يدفع الكثيرين إلى اعتـقاد أنه لئيم الطبع بارد الشعور غير أهل للثقة، غير أن الواقع عكس ذلك تماماً، إن طبيعة رجل برج الميزان والعاطفة مترادفان على الرغم من كل التناقضات التي عُرفت عنه وهو يمارس الحب وحسب بل عرف كيف يصقله وكيف يجعله أرقى منه في جميع الأبراج الأخرى.
من الصعب أن يفشل هذا الإنسان في محاولاته مع الحبيبة، لكن الطريف في الأمر هو أنه حالما ينجح في مهمته يأخذ في إظهار التردد والتساؤل عن جدوى الاستمرار، ذلك التردد الذي يكاد يشبه الخوف لا يفقده على كل حال اهتمامه بالجنس الآخر حتى في مرحلة الشيخوخة، وقد يكون أحد أسباب تعلـّق النساء به أسلوبه القائم على المناورة وعدم الرفض من البداية، لكنه " تكتيك " معقد يُعذب المرأة أكثر من الرفض دون ريب، إذا نظرنا إلى رجل الميزان في مرحلة الشباب وجدناه هوائياً متقلب المزاج غالباً ما يخلط بين الصداقة والحب، وهو إذا شاء لنفسه النسيان والسلوى استطاعهما دون كبير عناء أو ندم، لكن ألمه الحقيقي أعظم منه عند الآخرين، ولا نكون مبالغين إذا قلنا أنه في مرحلة العذاب ينهار ويتحوّل إلى حطام.
فضول الرجل في برج الميزان محدود، وهو إذا ناقش فعل ذلك بطريقة مجردة بغية الوصول إلى النظريات الصحيحة لا أكثر، أي أن اهتمامه بالنظريات يفوق اهتمامه بالإنسان نفسه، إن قابليته لدرس الحقائق دون الدوافع تضعه في مصاف القضاة لا الأطباء النفسييـن، تلك هي على كل حال مشكلته الأساسية مع شريكة حياته التي يجهل كوامنها النفسية على الرغم من وضوح الرؤية ومهارة الاستنتاج المعروفين عنه، مقابل ذلك لا يعلو شيء على مكانة الزوجة عنده، وهي، أي الزوجة، تأتي قبل أولاده الذين يعزهم من كل قلبه، وبهذه المناسبة نقول أن دوره كأب يتسم بطابع الحكم والمرشد، فهو يحمي أبناءه الصغار من تعسف أخوتهم الكبار، ويعطي هؤلاء ما يستحقونه من الحرية والاستقلال دون أن يتأثر بمن هم أصغر سناً، بفضله يسود الهدوء والنظام في البيت في معظم الأحيان، وإذا حدث من أولاده أمر يستحق العقاب قام بالواجب دون تردد ودون أن يتخلـّى قيد شعرة عن أسلوب المنطق الذي يتمسّك به في جميع أقواله وأعماله.
الرجل في برج الميزان ميسور الحال إجمالا ً على الرغم من كثرة إنفاقه على الأشخاص والأشياء التي تعتبر مصدر الجمال والسعادة، وهو يستضيف الناس بكثرة، ومع ذلك يكره الاختلاط بالغرباء والجموع الغفيرة كما يكره الأماكن المغلقة والضجيج والفوضى، ثم إنه يهوى التنسيق والترتيب والنظافة والهدوء والأماكن الفسيحة والهواء المنعش ولهذا السبب يبدو بيته أشبه شيء بالواحة وسط ضجيج وغبار ولهاث العالم الخارجي.
أخيراً لا بد من كلمة إلى المرأة التي تقع في حب رجل الميزان : لا تيأسي من تردده وحذره، كوني إيجابية واخطي الخطوة الأولى فهو يستحق منك المبادرة .